اللغات المتاحة للكتاب English پښتو فارسی Français Indonesia Русский 中文 Türkçe

94

الجَــوَادُ -جل جلاله-

إذا حاصرتك الحاجات، وداهمتك الخطوب، والتَفَّت من حولك الهموم، وكثرت الديون، وضاق الرزق، فعليك أن تتجه إلى الجواد، فارج الهم، وكاشف الغمِّ، ومستجيب دعوة المضطر.

جاء عند الترمذي: أن النبي  -صلى الله عليه وسلم-  قال: «إِنَّ اللهَ جَوَادٌ يُحِبُّ الجُودَ» [حديث صحيح].

قال الشيخ السعدي  -رحمه الله- : "الجواد، يعني: أنه  -سبحانه وتعالى-  الجواد المطلق؛ الذي عم بجوده جميع الكائنات، وملأها من فضله وكرمه ونعمه المتنوعة.

وخصَّ بجوده السائلين بلسان المقال أو لسان الحال؛ من بـر وفاجر، ومسلم وكافر، فمن سأل الله أعطاه سؤاله، وأناله ما طلب؛ فإنه بر رحيم  -سبحانه وتعالى- ، (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) [النحل: 53]".

فمن أعظـم من ربنا جودا وكرما؟!

الخلائق له عاصون.. يكلؤهم في مضاجعهم كأن لم يعصوه.. يحفظهم كأن لم يذنبوا.. يتفضل على المسيء ويمهل المذنب، ويرحم التائب.

هو الغني عن جميع العباد؛ ومع هذا يتحبب إليهم بالنعم والجود والكرم والإمهال.

والله  -عز وجل-  خزائنه ملأى؛ لا ينقصها نفقة، صح عنه  -عليه الصلاة والسلام-  أنه قال: «يَدُ اللهِ مَلْأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ» [أخرجه البخاري -وهذا لفظه-، ومسلم].

(سحاء): دائمة الصب.

و(الغيض): النقص.

يحب من يؤمله من العباد، ويحب من يرجوه ويسأله؛ لكي يزيدهم من فضله ونعمه،  حتى أنه من كرمه: يغضب على من لا يسأله، فعند الترمذي عن النبي  -صلى الله عليه وسلم-  أنه قال: «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» [حديث حسن]، وفي الحديث الآخر عنه  -صلى الله عليه وسلم-  أنه قال: «لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمُ عَلَى اللهِ مِنَ الدُّعَاءِ» [حديث حسن. رواه الترمذي] .

وَهُوَ الجَوَادُ فَجُوْدُهُ عَمَّ الوُجُوْدَ وَهُوَ الجَوَادُ فَلَا يُخَيِّبُ سَائِلًا

جَمِيعَهُ بِالْفَضْلِ وَالإِحْسَانِ وَلَوْ أَنَّهُ مِنْ أُمَّةِ الكُفْرَانِ

والعبد المؤمن الموقن هو: من يتصف بصفة الجود، ويطمع بفضل الله وجوده وكرمه، ويعلم أن الله الجواد سيجود عليه من فضله وبركاته وإحسانه أضعافًا مضاعفةً، (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) [الحديد:11]، (وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ) [الروم:6]، فهو ينفق تقربًا إلى الله.

ونبينا  -صلى الله عليه وسلم-  أجود الخلق جميعًا؛ فهو أجود الناس بالخير، وكان أجود من الخيل المرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان.

وفي «صحيح مسلم»: "ما سئل رسول الله  -صلى الله عليه وسلم-  على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، قال: فجاءه رجل فأعطاه غنـمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه؛ فقال: يا قوم! أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة!"، وما سئل شيئًا قط فقال: لا.

تَرَاهُ إِذَا مَا جِئْتَهُ مُتَهَلِّلًا               كَأَنَّكَ تُعْطِيهِ الَّذِي أَنْتَ سَائِلَهُ

قيـل:

الجود: يغطي كل عيب.

تَسَتَّرْ بِالسَّخَاءِ فَكُلُّ عَيْبٍ     يُغَطِّيهِ كَمَـا قِيــلَ السَّخَـاءُ

والجواد: يسود الناس بجوده.

لَوْلَا المَشَقَّةُ سَادَ النَّاسَ كَلَّهَمُ        الجُـوْدُ يُفقِـرُ وَالإِقْـدَامُ قَـتَّالُ

اللهم يا جواد! جد علينا من بركاتك.